لسان حال الفنانين يقول: لا نفهم لما كل هذا الهجوم!
أزمة "تقدير" في الوسط الفني
بينما أتقلب في صفحات الانترنت وأنا منهمكة في الغوص داخل عدد هائل من المقالات الفنية، استوقفتني مقالات كثيرة حول ردود أفعال الفنانين والفنانات.
و حتى الآن لم أجد فنانا أو فنانة متقبلا للنقد الموجه لأحد أعماله لما فيها من إيحاءات جنسية جريئة ومثيرة، حيث يكون موقفهم المعهود هو: الاستغراب والتبرير.
تقول الفنانة روبي عند اعتراض الرقابة على أحد أفلامها –التي لم تعرض بعد- وكذلك كبار النقاد عليه:
-أتعرض لهجمة شديدة ولا أفهم لماذا، فكل ما أقوم به هو شرعي!*
-ويقول كذلك تامر حسني في أحد مقابلاته: أحترم الرقابة.. لكن «احضني قوي» ليست إباحي.**
-كما ردَّت هيفاء وهبي على نقيب الفنانين السوريين حين أصدر قرارا بمنعها من الغناء في سورية، "للحد من التلوث الأخلاقي الذي تسببه" واعتبرته إنسان غير مسؤول، كما اعتبرت أن كلامه ظالم.***.
وما هذا إلا غيض من فيض، فأغلب -ولن أظلم إن قلت كل- ردود الفنانين حول قضية الإثارة تكون بالنفي، والتبرير.
لكن هذه المواقف تدعونا لأن نتساءل.
من الذي يحدد إن كان العمل شرعيا أم إباحيا؟!
الفنان؟ الجمهور؟ الرقابة؟
إن هؤلاء الفنانون يستثنون ملاحظات الرقابة، كبار النفاد، ونسبة من الجمهور لا يستهان بها، بحجة أن هذا العمل شرعي،
لكن نعود ونسأل، وفقا لأي قاعدة، تم الحكم أنه شرعيا؟!
إننا نمر بأزمة "تقدير" فنية في الوسط الإعلامي العربي.
كلٌّ يحكٍّم صحة أعماله، وفقا لطريقة حياته التي عاشها، أو ردة فعل شريحة من الجمهور- وهي كبيرة بلا شك-، متجاهلا الشريحة الأخرى، ومستغربا من قرارات الرقابة والنقاد.
ربما يتكرر هذا الموقف نتيجة تسخيف الأمور وتصغير حجمها لدى كثير من الفنانين، وبسبب شيوعها، كما قالت روبي في أحد مقابلاتها:
أنا لم أفعل اي شيئ شاذ نسبياً للفيديو كليبات التي تعرض على الشاشة العربية، أما الحركات في الفيديو كليب فهي طبيعية بالنسبة لكل فيديو كليب آخر يعرض على الشاشات العربية.
وربما يكون السبب أيضا، محاولة جذب تلك الشريحة الكبرى من الجمهور، التي يستهويها أي عمل جديد ومبتكر، وما هو هذا المبتكر إلا عملا جريئا مليئا بالايحاءات الجنسية!!
وربما يكون الخطأ من الرقابة نفسها، بحيث نلحظ ازدواجية في المعايير لدى تقييمها، تارة تسمح لهذا العمل بالنشر، وتارة تحظر عملا آخر، وما هما إلا وجهان لعملة واحدة!
أتمنى فعلا أن تبادر الرقابة بموقف إيجابي، وتتخذ موقفا واضحا صارما، لتحد من الأزمة والفوضى العارمة، التي باتت تزعج الجميع- بما فيها الرقابة ذاتها- وتضع معايير أخلاقية من جديد تحترم الذوق العام باتفاق كل الفنانين، وبتعهد منهم أن لا يتجاوزوها. كي نتوقف عن التخبط وسوء التقدير، وليتوقف الاتهام والتحكيم العشوائي، ولندرك أيضا ما الذي يوضع تحت قائمة الإباحية وما هو مستثنى من ذلك، والأهم، كي لا نرى علامات التعجب والاستفهام ترتسم مجددا على وجوه الفنانين.
مريم شهاب- الإمارات